Friday 6 April 2012

حياة الإمام الشافعي ;


الامام الشافعي احد الائمة الاربعة عند اهل السنة واليه نسبة الشافعية كافة . وهو ابوعبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي. وكان ابوه قد هاجر من مكة الى غزة بفلسطين بحثا عن الرزق لكنه مات بعد ولادة محمد بمدة قصيرة فنشأ محمد يتيما فقيرا . وشافع بن السائب هو الذي ينتسب اليه الشافعي لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، واسر ابوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم اسلم . ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.اما امه فهي يمانية من الازد وقيل من قبيلة الاسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، قيل ان ولادة الشافعي كانت في عسقلان وقيل بمنى لكن الاصح ان ولادته كانت في غزة عام 150 هجرية وهو نفس العام الذي توفى فيه ابو حنيفة .

ولما بلغ سنتين قررت امه العودة وابنها الى مكة لاسباب عديدة منها حتى لايضيع نسبه ، ولكي ينشأ على ما ينشأ عليه اقرانه ، فأتم حفظ القران وعمره سبع سنين . عرف الشافعي بشجو صوته في القراءة ، قال ابن نصر : كنا اذا اردنا ان نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا الى هذا الفتى المطلبي يقرأ القران ، فاذا أتيناه (يصلي في الحرم ) استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فاذا راى ذلك امسك من القراءة . ولحق بقبيلة هذيل العربية لتعلم اللغة والفصاحة . وكانت هذيل افصح العرب ، ولقد كانت لهذه الملازمة اثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقدلفتت هذه البراعة انصار معاصريه من العلماء بعد ان شب وكبر ، حتى الاصمعي وهو من ائمة اللغة المعدودين يقول : ( صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس ) وبلغ من اجتهاده في طلب العلم ان اجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغير .


حفظ الشافعي وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا كتاب الموطأ للامام مالك ورحلت به امه الىالمدينة ليتلقى العلم عند الامام مالك . ولازم الشافعي الامام مالك ست عشرة سنة حتى توفى الامام مالك (179 هجرية ) وبنفس الوقت تعلم على يد ابراهيم بن سعد الانصاري ، ومحمد بن سعيد بن فديك وغيرهم .وبعد وفاة الامام مالك (179 هجرية ) سافر الشافعي الى نجران واليا عليها ورغم عدالته فقد وشى البعض به الى الخليفة هارون الرشيدفتم استدعائه الى دار الخلافة سنة (184هجرية ) وهناك دافع عن موقفه بحجة دامغة وظهر للخليفة براءة الشافعي مما نسب اليه واطلق سراحه .

واثناء وجوده في بغداد أتصل بمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة وقرأ كتبه وتعرف على علم اهل الرأي ثم عاد بعدها الى مكة واقام فيها نحوا من تسع سنوات لينشر مذهبه من خلال حلقات العلم التي يزدحم فيها طلبة العلم في الحرم المكي ومن خلال لقاءه بالعلماء اثناء مواسم الحج . وتتلمذ عليه في هذه الفترة الامام احمد بن حنبل .ثم عاد مرة اخرى الى بغداد سنة ( 195 هجرية ) ، وكان له بها مجلس علم يحضره العلماء ويقصده الطلاب من كل مكان . مكث الشافعي سنتين في بغداد ألف خلالها كتابه (الرسالة ) ونشر فيها مذهبه القديم ولازمه خلال هذه الفترة اربعة من كبار اصحابه وهم احمد بن حنبل ، وابو ثور ، والزعفراني ، والكرابيسي . ثم عاد الامام الشافعي الى مكة ومكث بها فترة قصيرة غادرها بعد ذلك الى بغدادسنة (198هجرية ) وأقام في بغداد فترة قصيرة ثم غادر بغداد الى مصر .

قدم مصر سنة ( 199 هجرية ) تسبقه شهرته وكان في صحبته تلاميذه الربيع بن سليمان المرادي ، وعبدالله بن الزبير الحميدي ، فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم وكان من اصحاب مالك . ثم بدأ بالقاء دروسه في جامع عمرو بن العاص فمال اليه الناس وجذبت فصاحته وعلمه كثيرا من اتباع الامامين ابي حنيفة ومالك . وبقي في مصر خمس سنوات قضاها كلها في التأليف والتدريس والمناظرة والرد على الخصوم . وفي مصر وضع الشافعي مذهبه الجديد وهو الاحكام والفتاوى التي استنبطها بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق ، وصنف في مصر كتبه الخالدة التي رواها عنه تلاميذه .
وتطرق احمد تمام في كتابه (الشافعي ملامح وآثار ) كيفية ظهور شخصية الشافعي ومنهجه في الفقه . هذا المنهج الذي هو مزيج من فقه الحجاز وفقه العراق ، هذا المنهج الذي انضجه عقل متوهج ، عالم بالقران والسنة ، بصير بالعربية وادابها خبير باحوال الناس وقضاياهم ، قوي الرأي والقياس .

وأما مدرسةالحديث فقد نشأت بالحجاز وهي امتداد لمدرسة عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وعائشة وغيرهم من فقهاء الصحابة الذين أقاموا بمكة والمدينة ، وكان يمثلها عددكبير من كبار الائمة منهم سعد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وابن شهاب الزهري ، والليث بن سعد ، ومالك بن انس . وتمتاز تلك المدرسة بالوقوف عند نصوص الكتاب والسنة ، فان لم تجد التمست اثار الصحابة ، ولم تلجئهم مستجدات الحوادث التي كانت قليلة في الحجاز الى التوسع في الاستنباط بخلاف ما كان عليه الحال في العراق .

وجاء الشافعي والجدل مشتعل بين المدرستين فأخذ موقفا وسطا ، وحسم الجدل الفقهي القائم بينهما بما تيسر له من الجمع بين المدرستين بعد ان تلقى العلم وتتلمذ على كبار اعلامهما مثل مالك بن انس من مدرسة الحديث ومحمد بن الحسن الشيباني من مدرسة الرأي . دون الشافعي الاصول التي اعتمد عليها في فقهه ، والقواعد التي التزمها في اجتهاده في رسالته الاصولية "الرسالة " وطبق هذه الاصول في فقهه ، وكانت اصولا عملية لا نظرية ، ويظهر هذا واضحا في كتابه " الام " الذي يذكر فيه الشافعي الحكم مع دليله ، ثم يبين وجه الاستدلال بالدليل وقواعد الاجتهاد واصول الاستنباط التي اتبعت في استنباطه ، فهو يرجع اولا الى القران وما ظهر له منه ، الا اذا قام دليل على وجوب صرفه عن ظاهره ،ثم الى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى الخبر الواحد الذي ينفرد راو واحد بروايته ، وهو ثقة في دينه ، معروف بالصدق ، مشهور بالضبظ . وهو يعد السنة مع القران في منزلة واحدة ، فلا يمكن النظر في القران دون النظر في السنة التي تشرحه وتبينه ، فالقران يأتي بالاحكام العامة والقواعد الكلية ، والسنة هي التي تفسر ذلك ،فهي التي تخصص عموم القران او تقيد مطلقه ، او تبين مجمله .

No comments:

Post a Comment

Dah tEngOk tu RajiN2 laA cOmmEnt ek...TQ